تبقى أمريكا الملعونة المُجرمة على الأقل بالنسبة لنا كعرب ومسلمين، تمثل أصل الداء وأساس المعضلة وسبب رئيس لكل نكبة وكارثة في هذا العالم الذي أبتلي بها، ويبقى الحديث عنها وعن رصيدها التاريخي الحافل بانتهاكات حقوق الإنسان واجرامها المُفرط بحق الأمة والإنسانية، حديثًا طويلاً ومُتشعبًا وله أكثر من مُعطى وبُعد، ولا يمكن لحديث كهذا أن يتوقف عند حدود وجوانب معينة أو يكتفي المُتحدث بها، بل إن هذه الشريرة العالمية والمُستكبرة الأثيمة تبدو بلا رياء الحديث الذي يُتعب كل المتحدثين ويُعيي المُحللين ويُحير حتى عقول الراشدين، والكلام عنها يُعكر المزاج ويُجهد الفكر ويُكدر الخاطر بإعتباره أشبه ما يكون بهذيان مجنون وحشرجة محتضر لا يمكن أن تكون أمريكا بعيدة عن مأساته وتعاسته وبُؤسه وخيبة أمته وهوانها وانبطاحها لأعدائها اليوم، والذي لم يسبق له مثيل في التاريخ في ظل حكم أنظمة مُستبدة عميلة فرطت بكل شيء، بيد أن أغلبية المهتمين بظاهرة "الدولة المارقة" التي تُجسدها اليوم أمريكا بكل تفاصيلها وصفاتها، يتفقون في آرائهم بأن الولاياتالمتحدة تعتبر بخروجها عن المألوف وتعديها لكل الحدود وتجاوزها لها بإرهابها وإجرامها بحق الغير، تعتبر من بين دول العالم أجمع "الدولة المارقة الأكبر وأخطر تهديد للأمن العالمي" . وهُناك من أماط اللثام عن هذا الجانب وأوضح ما غمض على الكثيرين، وهو الكاتب والباحث خالد خليل بما تناوله في مقال له نشره في شهر يناير الماضي عن "ظاهرة الدولة المارقة"، وبين خليل أن الولاياتالمتحدةالأمريكية التي تُقدم نفسها للعالم بإعتبارها زعيمة للديمقراطية وحقوق الإنسان ، تتناسى أنها في الواقع تُعتبر وفق العديد من الأدلة والوقائع، الدولة الأكبر خرقًا للقوانين الدولية والأعراف الإنسانية وقال خليل "إذا ما طبقنا تعريف "الدولة المارقة" بشكل عادل، فإن الولاياتالمتحدة تستحق هذا اللقب بإمتياز، نظراً لسجلها الطويل في انتهاك القانون الدولي وسعيها الدؤوب لتحقيق مصالحها على حساب شعوب العالم وأمنها"، وهناك دلائل وشواهد كثيرة تؤكد جميعها أن أمريكا هي الوحيدة التي تستحق أن يُطلق عليها لقب "الدولة المارقة"، ومن أهمها وأبرزها: خروقاتها المستمرة للقوانين الدولية، ودعمها للإبادة الجماعية للكيان الصهيوني الغاصب في فلسطين، فضلاً عن قيام أمريكا بنهب موارد الدول والشعوب بطرق استغلالية بشعة ودعمها لأنظمة القمع والإستبداد التي تخدم مصالحها في أكثر من بلد في العالم، واستخدامها أسلحة الدمار الشامل ضد بعض الدول كما فعلت في اليابان وفيتنام وأفغانستان والعراق وغيرها، وبراعتها في صناعة الحروب والفوضى وتأجيج الصراعات هنا وهناك بما يلبي متطلبات رغبتها ومصالحها، والأهم والأخطر من كل ذلك ازدواجية المعايير والإنتقائية التي تلجأ إليها واشنطن في التعامل والتعاطي مع قضايا اقليمية ودولية مختلفة، وعلى سبيل المثال لا الحصر يمكن الإشارة إلى أن من أبرز مظاهر "مروق الولاياتالمتحدةالأمريكية" يتمثل في رفضها الدائم الإمتثال للمحاكم والهيئات الدولية مثل المحكمة الجنائية الدولية، فأمريكا المستكبرة ترفض محاسبتها على الجرائم التي ترتكبها قواتها العسكرية أو سياساتها الخارجية، بل إنها تذهب إلى حد التهديد بعقوبات على المحكمة الدولية إذا حاولت التحقيق في جرائم حرب ارتكبها جنودها في هذا البلد أو ذاك، أو حتى في دعمها المطلق واللا محدود لإسرائيل في قتل وإبادة الشعب الفلسطيني، وتعتبر أمريكا نفسها فوق كل القوانين والمنظمات والهيئات الأممية والأعراف والقوانين الدولية، وهذا أهم وأخطر مظاهر استكبارها كدولة مارقة شريرة وقوة استعمارية عظمى، حتى أنه يتعذر عليك أن تجد في تاريخها ما يُحمد لها !. ..... يتبع .....