في ظل الأزمات الخانقة والتحديات الأمنية والسياسية والاقتصادية التي تعيشها دول المنطقة بسبب الانقسامات والنزعات المذهبية والفكرية التي أوصلت الأمم والشعوب إلى حالة من التأزم وفقدان الثقة وانعدام الحوار الجاد والمسؤول بين الفصائل المختلفة، وهذا ما أدى إلى اتساع الهوة بين جميع الأطراف المتناحرة. كل المؤشرات السياسية تؤكد أن هناك فجوات عميقة وشروخًا غائرة في السياسات العربية – العربية، وهذا ما قاد إلى إشعال الصراعات بين الدول. ومن آثار تلك التدخلات السافرة في شؤون الدول الأخرى ما يحدث الآن في اليمن والسودان وسوريا ولبنان وليبيا. كل هذا يحدث على مرأى ومسمع المجتمع الدولي والأممي، لأن الهدف الأساسي هو الهيمنة على خزان نفط العالم في تلك الدول، ولذلك لا بد من افتعال الأزمات وتأجيج الصراعات بين شعوب المنطقة. فالمتأمل في أزمات المنطقة تبدو له معقدة ومتشابكة ومتداخلة وذات أبعاد جيوسياسية متعددة، وكلها تدار وراء غرف مغلقة بقيادة الشيطان الأكبر، وما يحدث في غزة ولبنان وسوريا وليبيا خير مثال على تجريف الهوية العربية الإسلامية، وما يدور الآن في السودان خير شاهد على التدخلات الخارجية لتوسيع رقعة الخلافات والصراعات بين شعوب المنطقة. في الماضي كان معظم الأمريكيين يجهلون موقع اليمن على الخريطة، وليست لديهم أي فكرة أو معلومة عن جغرافيا أو تاريخ أو ثقافة وحضارة اليمن، ولكن عندما دارت رحى المعارك في البحر الأحمر بين القوات اليمنية والقوات الأمريكية أدركت أخيرًا موقع اليمن ومن هم رجال اليمن، وبأن اليمن ليست دولة عادية، بل دولة لها وزنها الإقليمي الفاعل في المنطقة. فالمؤسف أن هناك دولًا عربية منبطحة خانعة للنظام الصهيوأمريكي وتعمل بكل وقاحة مع تلك الأنظمة العميلة، كاشفة عن وجهها القبيح في ظل تدخلات في شؤون الآخرين، مستغلة الأزمات والصراعات الداخلية بين الدول، معتقدة أن الأممالمتحدة سوف تلبس القبعة الزرقاء وتأتي لكي تفصل بين قضاياهم، متناسين المقولة: "من يدفع يُحمى، ومن لم يدفع يُغزَى". في ظل هذا الإطار تأتي عمليات التنسيق والتعاون مع قوى الطرف الأقوى، والكل سيدفع الثمن باهظًا، والأكثر أجيال المستقبل بكل تأكيد. صفوة القول: المتأمل في مستقبل دول المنطقة في ظل هذه الأزمات والتحديات والاستقطابات المحلية والإقليمية والدولية يجد أن المنطقة مقبلة على خارطة شرق أوسطية جديدة من البحر إلى النهر، ومن الخليج إلى المحيط. وليكن في علمنا أن هناك دولًا عربية عديدة ستساهم في هذا المشروع دون استحياء، وستلعب السعودية والإمارات الدور الأكبر في التمثيل والإخراج المسرحي. نافذة شعرية: الزمن الضائع وهجرة الطيور.. الموت في الظهيرة.. في النفق المسدود.. تمزق الجذور.. في باطن الأرض.. صيحة أنثى.. رقصة أفعى.. تراكم الحزن.. اختنق الصمت.. أشعل هذه النار في الهشيم.. الزمن الضائع.. الأرض الموات.. الأمل الباقي.. انعكاس النور في العيون.. الموت في المسيرة الطويلة.. يحترقون ليضيئوا: شرف الإنسان أن لا يموت راكعًا، أن يعيش في خطوط النار.. منتصراً.. حتى وإن حاقت به الهزيمة. الزمن الضائع في تزاحم الأضداد.. يخلع عن كاهله عباءة الرماد..!!