تعيش المحافظات الجنوبية المحتلة حالة غليان غير مسبوقة، مع تصاعد التوترات بين قوى المرتزقة المتصارعة داخل معسكر تحالف العدوان، في وقتٍ رفع فيه ما يسمى"المجلس الانتقالي الجنوبي" من سقف تحديه لحكومة المرتزقة، واضعًا شروطًا تعجيزية تقطع فعليًا طريق عودتها إلى عدن. قد طالب مستشار ما يسمى رئيس الانتقالي عمرو البيض بحلّ برلمان المرتزق سلطان البركاني، معتبراً أن عودته "تنسف الاتفاقيات وتعيد الأوضاع إلى تسعينيات القرن الماضي"، حين انهارت مشاريع الانفصال أمام تحالف الوحدة. وهاجم البيض القوى الموالية للتحالف، وعلى رأسها الإصلاح والمؤتمر، بعد إعلانها تفعيل البرلمان إلكترونيًا بدعم إقليمي ودولي، واصفًا الخطوة بأنها محاولة لإقصاء الانتقالي من المشهد الجنوبي وتقليص نفوذه الإداري والعسكري. في موازاة ذلك، أكد عضو هيئة الانتقالي لطفي شطارة أن رئيس المجلس أحمد بن بريك لن يسمح بعودة الحكومة دون تنفيذ حزمة مطالب أبرزها "توفير المرتبات، وتحسين الخدمات، ووقف الإعاشة العسكرية، وتقليص حجم الحكومة"، وهي ملفات وصفها مراقبون بأنها مطالب سياسية مستحيلة التنفيذ في ظل الانقسامات داخل ما يسمى مجلس القيادة الرئاسي، وتهدف فعليًا إلى تعطيل أي مساعٍ لاستعادة القرار من يد المجلس الموالي للإمارات. وتشير التحركات الميدانية إلى أن الانتقالي يسعى لقطع الطريق أمام أي ترتيبات جديدة لإعادة توزيع الإيرادات أو بسط سيطرة حكومة عدن على المؤسسات المالية. فبحسب مصادر اقتصادية، يستعد بن بريك لعرقلة خطط نقل العائدات إلى البنك المركزي وإغلاق شبكات الفساد التي تموّل فصائل الانتقالي، في خطوة وُصفت بأنها مواجهة مباشرة بين الأذرع الإماراتية وبقايا نفوذ السعودية في عدن. من جانبها دقّت الأممالمتحدة ناقوس الخطر إزاء التدهور المعيشي في عدنالمحتلة وجميع المناطق الواقعة تحت سيطرة تحالف العدوان. وحذّر برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة من أن معدلات الفقر في هذه المناطق ارتفعت إلى مستويات "مخيفة"، مشيراً إلى أن النسبة تجاوزت 25%. أشار التقرير الأممي إلى أن هذا الارتفاع يأتي بالرغم من استمرار تدفق المساعدات الدولية التي يتم توجيه معظمها إلى المحافظات الجنوبية والشرقية تحت سيطرة التحالف، على حساب المحافظات الشمالية "الحرة". ويرى مراقبون اقتصاديون وسياسيون أن هذه الخطوات تمثل مؤشرات واضحة على تصعيد متعمّد ل"الحرب الاقتصادية" التي تستهدف حياة المواطنين بشكل مباشر، وتؤكد فشل السياسات الإدارية في المناطق الخاضعة لسيطرة تحالف العدوان والاحتلال السعودي الإماراتي. ويُنظر إلى ان رفع الدولار الجمركي على أنه تصعيد جديد يهدف إلى تجفيف ما تبقى من القدرة الشرائية للمواطن في المحافظات الجنوبية والشرقية المحتلة. ويذهب المحللون إلى أن هذه السياسات تؤكد تحول المناطق المحتلة إلى بؤر للفقر والجوع والفوضى الاقتصادية، في تباين واضح مع تقارير الاستقرار المعيشي النسبي في المحافظات الواقعة تحت إدارة المجلس السياسي الأعلى وحكومة صنعاء. ويُتوقع أن تؤدي الموجة التضخمية الوشيكة إلى مزيد من الانهيار في الخدمات وزيادة الاحتقان الشعبي في عدنوالمحافظات المجاورة.