مهما فعلنا فإننا سنعيد المآسي وسنجلب الاستبداد الداء التاريخي للأمة وبأيدينا... كلنا ضد الاستبداد لكن كلنا ضد التعصب والكيل بمكيالين هذا التعصب هو الذي يقف سداً منيعاً من تحول الفكر العربي نحو حل مشاكلنا وتناقضاتنا بالحوار والسلمية. كان الدكتور ياسين سعيد نعمان دقيقاً وضافياً وهو يشخص حالة البؤس العربي وجذره السياسي المتمثل بالغلبة والاستبداد المتوارث والمتجذر في الثقافة والخيال العربي ..يبدو أن الفرصة متاحة للتخلص من هذا الموروث الثقيل نحو ثقافة ديمقراطية وشعب ديمقراطي قبل أن نطالب بحكم ديمقراطي لأن الحكم ليس إلاّ إفرازات الشارع والمجتمع . اليوم نحن نتحرك بعد الثورة التي فتحت باب الأمل نمشي بين الأشواك وأمامنا ألف عقبة معظمها داخلية نفسية اجتماعية بالأساس .. اللجوء للعنف في حل المختلف وفرض الرأي هو أساس الاستبداد المتجدد دوماً وحاضن الفساد ففي كل دورة يتحرر فيها الشعب من الاستبداد تبرز متناقضات وهذا طبيعي لكن غير الطبيعي أن تحل بنفس الآليات السابقة وهي القوة والغلبة والعنف .. وهنا من المؤكد أن لا يخرج أي طرف منتصراً هذا مايقوله الواقع والتاريخ ، ينهزمون جميعاً وينهزم الوطن,والمنتصر الوحيد يكون الاستبداد الذي يعود بفعل العنف والصراعات حيث يجعله العنف والصراع الأعمى حاجة ومنقذاً ونرجع من جديد .. ما شئت لاما شاءت الأقدار فاحكم فأنت الواحد القهار لا يهم من أين سيأتي هذا المستبد قد يأتي من عمق الثورة ويسوق الثوار إلى السجون بكل تناقضاتهم الغبية لأنهم بالأساس هم من صنعوا بأنفسهم ذلك ولم يكونوا على قدر التحول الحضاري الذي يبدأ بالاتفاق على الوسائل السلمية ونبذ العنف وإدانته سواء صدرمني أو من غيري من صاحبي أو من خصمي .. نعم أنا أرى أنني على حق والآخر على باطل لأناضل إذاً من أجل دحر الباطل بالحوار والوسائل السلمية والقوة الناعمة واقناع الشعب صاحب الحق ..ومهما بدا العنف مغرياً فإنه وسيلة الضعفاء .. التغيير يحتاج تغيير العقلية الثورية والشعبية نحو قبول الآخر وهو لايعني التسليم بباطله أو ما أراه باطلاً ولكن في حقه في التعبير وحمايته من العنف والبعد عن الكيل بمكيالين واعتماد مكيال واحد هذا المكيال الواحد لا يمنع الحراك السلمي (مثلاً) من اقامة فعالياته وليقل مايشاء سلمياً ، أنا ضد فكرته المدمرة أو التي أراها أنا كذلك ولكن عليّ أن أدين أي عنف أو تعسف كما لايجوز المنع ولا التقطع للناس بالطرقات لمنعهم من فعالياتهم السلمية لأنها تدعو للوحدة مع أن الوحدة هي الاساس وغيرها الشذوذ . سيختلف المجتمع من مع ومن ضد ، فهذه سنة الحياة ولو بنسب متفاوتة لكن عليهم أن لا يختلفوا مطلقاً في إدانة العنف والتخريب والقتل من أي طرف وهذا هو الجديد الحضاري الذي ننشده وإلاّ فنحن في مربع الهمج .. من العيب أن يقتل طفل ونسكت لأن القاتل خصم خصمي ويقتل آخر فنقيم عليه مأتماً وعويلا لأن المتهم خصمي هنا لا أقف مع القتيل وإنما مع نفسي المريضة ولإشباع خصومة عبثية موغلة في الفجور والخبث والتدمير. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك