كلنا ندرك بأن الماء هو شريان الحياة وسر من أسرار وجودها فقد جعله الله حياة ومعاشاً تستمر به الحياة على وجه الأرض بقدر أنه نعمة عظيمة على بني الإنسان.. ولذلك فقد أولاه ديننا الإسلامي الحنيف اهتماماً خاصاً ونبه إلى أهميته قال تعالى{وجعلنا من الماء كل شيء حي}صدق الله العظيم وانطلاقاً من هذا نجد بأن الماء هو أساس كل الحياة في هذا الكون،حيث يشمل كل المخلوقات بما فيها الحية من الفيروس الذي لايرى إلا بالمجهر إلى الإنسان، مروراً بالمملكة النباتية والحيوانية.. وعلى هذا السياق نرى بأن الحفاظ على الماء مسألة في غاية الأهمية من الأمر؛ نظراً لما تشكله من أولوية في حياة الإنسان في الواقع المعيش؛ ولذلك هو ما يستوجب منا إيلاءها جل الاهتمام والعمل على إيجاد القوانين واللوائح المنتظمة لها كي يتم التغلب على إشكالاتها الحالية والتي لم تنجل عنا حتى اليوم.. بحكم غياب الضوابط الرادعة والقوانين النافذة والملزمة لمن يقوم بالعبث بها أو احتكارها لنفسه كون هذه العملية هي عامة لكافة الناس.. الجانب التشريعي ومن هذا المنظور نجد بأن الجانب التشريعي كان هو أول من أشار وبين أهمية الماء وكذا عن الكيفية المثلى لاستخدامه بالطريقة المناسبة وذلك بما يحافظ على استدامة قيمته الفعلية على المدى البعيد للأجيال القادمة. كما أن القوانين الوضعية هي أيضاً أولت ولاتزال تولي مسألة المياه أهمية كبيرة لكونها تندرج في إطار الاحتياجات العامة للإنسان دون استثناء. عنصر أساسي لكون المياه عنصرا أساسيا في حياتنا فلابد أن تكون هناك نظرة ثاقبة وبنية على أسس وخطط موضوعية ومنهجية للتعاطي معها بصورة دائمة.. حتى نتمكن من تجاوز المشكلات التي تواجه بلادنا في جانب المياه وما أكثرها في الوقت الحاضر نتيجة لغياب الدراسات العلمية في مسألة كهذه وهذا ما ترتب عليه انعكاسات سلبية في نهاية المطاف، حيث أثر بصورة كبيرة على المخزون الجوفي في باطن الأرض جراء الاستنزاف الجائر لمياه الآبار، فضلاً عن الاستهلاك غير المنظم من قبل أفراد المجتمع. تلوث المياه كما أن المياه أصبحت في الوقت الحاضر تتعرض لتلوث كبير نتيجة بعض ما يقوم به الإنسان من أعمال تضر بالبيئة دون أن تكون هناك ضوابط لها أو تراخيص محددة وملزمة حال إنشاء هذه المنشأة أو تلك لكي يتم تفادي أثرها البيئي الناتج عن المياه العادمة وكذا المواد الخارجة من المستشفيات والمصانع، فضلاً عن بعض المواد السامة الموجودة في باطن الأرض، ومن ذلك المعادن الثقيلة كالزرنيخ والزئبق واليورانيوم وغيرها.. خلو البيئة من الحياة ولايخفى بأن وصفاً كهذا يؤدي إلى تأثيرات كبيرة على البيئة ويجعلها خالية من الحياة ومن أية حياة عليها أكان للإنسان أو النبات أو الحيوان. قضايا المياه وعلى هذا الأساس نود أن نبين بعض القضايا المتعلقة بالمياه وهي كالتالي: الموارد المائية: بالنسبة للموارد المائية تعتبر من القضايا الهامة التي تمس كافة أفراد المجتمع في الوقت الحاضر بقدر أنها لم تعد منحصرة بأمر المياه وكذا علاقتها بالتوسع الزراعي والأمن الغذائي وإنما أصبحت تتعلق بمياه الشرب التي تزداد حدتها يوماً بعد يوم نتيجة للارتفاع في النمو السكاني، فضلاً عن نقص وتراجع مخزون المياه الجوفية فيما لاتوجد هنالك مصادر أخرى للمياه السطحية.. وهذا ما يضعنا أمام مشكلة كبيرة مستقبلاً، خصوصاً في ظل غياب القوانين والتشريعات التي تحد من عملية الاستنزاف للمياه الجوفية وإن وجدت فهي لاتنفذ ولا يتم أخذها بعين الاعتبار. ناهيك عن غياب السياسات في أمر كهذا وهو ما أثر بشكل جلي على المخزون المائي جراء عدم التعاطي مع الدراسات العلمية الحديثة التي يمكن من خلالها الاستفادة منها خاصة من حيث وضع الخطط الممنهجة المبنية على معلومات وبيانات دقيقة تحدد فيها مناسيب المياه الجوفية، هنا أو هناك وكذا كيفية الحفاظ عليها وتنميتها بغرض استدامة مياهها، إضافة إلى البحث عن مصادر مائية أخرى ومن ذلك الأخذ بتجربة حصاد مياه الأمطار، والتي يعمل بها في بعض البلدان العربية كالأردن والمغرب ويتمثل ذلك ببناء الخزانات العامة وبالأخص أن اليمن بالإمكان أن تتعامل على هذه التجربة وإن كانت موجودة في بعض المناطق إلا أنها مازالت محدودة كما أن هنالك معالجات أخرى ومنها تحلية مياه البحر وكذا عمل الحواجز وإعادة بناء المدرجات الزراعية. قضايا كهذه لاتزال محلك سر ولم تعط أية أهمية على مستوى الواقع من قبل الجهات المعنية بالسياسات المائية حتى الآن.. الموازنة المائية وبالنظر لهذا الأمر نجد بأن الهيئة العامة للموارد المائية حال قيامها مؤخراً باعتماد المعلومات والبيانات الخاصة بمصادر المياه توصلت تقريراتها إلى أن كمية المياه المتجددة سنوياً تصل إلى 2500 مليون متر مكعب. فيها 1500 مليون متر مكعب عبارة عن مياه سطحية ناتجة عن الأمطار و1000 مليون متر مكعب من هذه المياه تغذي خزانات المياه الجوفية، فيما قدرت كمية المياه المستخدمة 3400 مليون متر مكعب، حيث تحتل الزراعة نسبة 93 % والاستخدامات المنزلية 6 % والصناعة 1 %.. من هذا يتضح لنا بأن الفجوة المائية تصل إلى 1000مليون متر مكعب في السنة بقدر ما تسحب هذه الكمية من المياه الجوفية. عدم وجود خطط مستقبلية وبالإشارة إلى ذلك.. نجد أنه لعدم وجود خطط مستقبلية للحد من التوسع السكاني، فإنه يتوقع أن يستمر النمو السكاني في صنعاء، في الزيادة بمعدل 3.7 % وبافتراض ارتفاع هذا المعدل إلى 5 % فيتوقع أن يصل عدد السكان في صنعاء إلى 4.4 مليون نسمة في عام 2025م وبافتراض أن معدل استهلاك الفرد من المياه هو 70 لتراً في اليوم فإن كمية الاحتياج لمياه الشرب النقية سوف ترتفع إلى 95 مليون متر مكعب في 2025م؛ مما يشير إلى وجود تهديد واضح لاستنزاف مواردنا من المياه الجوفية وهذا ما سيضاعف من سعر تكلفة اللتر المكعب. ويصعب الحصول عليها لاستخدامها في مختلف الأغراض الصناعية، الزراعية، ومياه الشرب النقية. قانون حماية البيئة قوانين البيئة.. والإدارة المتكاملة للموارد المائية نفهم من هذا بأن الجمهورية اليمنية، كان لها أن تبدأ الاهتمام بالبيئة من بداية ثمانينيات القرن الماضي.. خاصة بعد أن استفحلت قضية استنزاف الموارد المائية، وغيرها وكذا بروز الاهتمام العالمي بقضايا البيئة نتيجة للتغيرات المناخية بما في ذلك تفكك طبقة الأوزون. وعلى هذا كان لليمن بعدئذ أن تصدر قانون حماية البيئة في عام 1995م، لاسيما بعد تشكيل المجلس الأعلى لحماية البيئة.. وكذا قيامها لاحقاً بالتوقيع على العديد من الاتفاقيات والبروتوكولات الإقليمية والدولية الخاصة بالبيئة. قوانين لا تنفذ جدير بالذكر أنه رغم صدور العديد من القوانين الخاصة بالبيئة بشأن حماية المياه ومنها المياه السطحية والجوفية وتنمية مصادرها والحد من إصدار تراخيص لحفر الآبار، ووضع ضوابط مشددة كذلك وغيرها.. إلا أن مثل هذه القوانين ظلت بمنأى عن التعاطي معها بالصورة المثلى، التي يمكن من خلالها أن تؤدي إلى تفعيلها والعمل على حماية البيئة.. ومن ذلك الحفاظ على المياه، بغرض استدامتها إلى مدى أطول إنما أمر كهذا لم يحدث.. وهو ما أثر سلباً على مستوى تلك القوانين إلا فيما ندر نتيجة لغياب السياسات المائية من قبل الدولة ممثلة بأجهزتها المعنية خلال الفترة الماضية. هوشلية الخطط ولا يخفى في هذا الصدد بأن كل هذه الإشكالات تعود بدرجة أساسية إلى هوشلية الخطط، وعدم الاستفادة من الدراسات العلمية التي كانت توضع في هذا الشأن وهذا مما يعطي مؤشرات واضحة.. على أن الأمور لم تكن بالمستوى المطلوب، الذي كان يفترض أن يكون ويعود هذا في الأساس إلى غياب الإدارة المتكاملة للموارد المائية.. في مسألة كهذه. ومن ذلك.. غياب التنسيق بين الجهات ذات العلاقة.. عدم وجود الشراكة المجتمعية، عدم توفر الكفاءة، عدم استدامة المشروع.. إلى أطول فترة ممكنة. تعز.. صنعاء ونتيجة لهذا الوضع الذي تعاني منه اليمن في الوقت الحاضر.. جراء عدم التعاطي مع السياسات والخطط المناسبة، فيما يتعلق بالمياه، فقد تسبب ذلك في انخفاض مناسيب المياه الجوفية بشكل كبير لا سيما على مستوى المدن الرئيسية ومنهما تعز، وصنعاء اللتان تعانيان استفحال أزمة المياه فيهما وبالتالي هو ما كان من الدولة أن تنشئ بعض الهيئات المعنية بغرض الحفاظ على الموارد المائية وتنميتها وذلك من خلال رسم سياسات واضحة تهدف إلى إعادة النظر في المنشآت المائية والبحث عن مصادر مياه جديدة وكذا الاستفادة من مصادر المياه المتجددة، كالأمطار، والسيول والعمل على إنشاء السدود والحواجز المائية وغيرها.. وعلى أن تكون مبنية وفق دراسات علمية صحيحة.. كي يضمن استمراريتها، بصورة جيدة لأجل أن تقوم في نهاية المطاف بتغذية مياه الآبار الجوفية. مشاريع لم تكن موفقة إنما ما يلاحظ في هذا الإطار.. بأن هناك كثيراً من المنشآت المائية لم تكن موفقة من حيث إنشاؤها.. وذلك لعدم إبدائها الأهمية من قبل الجهات المعنية حتى تكون موضوعة أو معتمدة على دراسات وتصاميم فنية دقيقة.. بقدر ما كان يتم التعامل معها بطرق مخالفة لذلك.. وبالتالي هو ما أفقده قيمتها المائية.. وعدم الاستفادة منها.. وهذا ماهو موجود في كثير من مناطق اليمن وليس في منطقة معينة. قوانين بحاجة لتحديث هناك كثير من القوانين المتعلقة بالبيئة والمياه، صيغت في وقت سابق من حيث قوانينها وبالتالي لا تتناسب مع الوضع المؤسسي الحالي لكل منهما فمثلاً بالنسبة لقانون البيئة لابد من إعادة صياغة القانون على ضوء الوضع المؤسسي الحالي لإدارة البيئة في الجمهورية؛ لأن القانون الذي يتم التعامل به حالياً صيغ في وقت سابق ويخضع للمجلس الأعلى للبيئة، بينما في الوقت الحالي أصبحت تدار من قبل الهيئة العامة لحماية البيئة التابع لوزارة المياه والبيئة. قانون البيئة الحالي لا يلبي الحد الأدنى من متطلبات الاهتمام بالموارد المائية؛ لذا عند إعادة صياغة القانون يجب التنسيق مع الهيئة العامة للموارد المائية، وكذا ضرورة إشراك المجتمع المحلي في جميع مناطق البيئة اليمنية. أما بالنسبة لقانون المياه..فيجب إعادة صياغة قانون المياه، من حيث تحديد حقوق المياه بشكل واضح يلبي الوضع الحالي للموارد المائية السطحية والجوفية. قانون استخدام المياه الحالي أغفل موضوع المياه غير التقليدية من حيث إدارتها وتنميتها. الغرامات المالية مقابل استخدام المياه متدنية. المهام الممنوحة لوزارة المياه والبيئة في مجال إدارة وتنمية الموارد المائية تتعارض مع مهام الهيئة. التحديات التي تواجه القوانين الحالية تواجه القوانين والتشريعات الحالية المتعلقة بالمياه وكذا قانون المياه ولائحته التنفيذية في الجمهورية اليمنية تحديات حقيقية تعود أسبابها للآتي: شحة الموارد المائية وسرعة استنزافها بمعدلات تفوق الموارد المتجددة مما يجعل القوانين والتشريعات الصادرة قبل ذلك غير مناسبة للوضع الحالي وبالأخص مستقبلاً. التغيرات السريعة في نوعية المياه تجعل المواصفات القياسية اليمنية أمام تحد كبير وبالذات في ارتفاع درجة ملوحة المياه، لاسيما في المناطق الساحلية والصحراوية. ارتفاع وتيرة تلوث الموارد المائية السطحية، والجوفية، الناتج عن الاستخدام المفرط للمبيدات والأسمدة الكيماوية في الزراعة وبالذات لأشجار القات، فضلاً عن الأنشطة الصناعية، والتجارية، الأخرى. التغيرات المناخية وتأثيراتها السلبية على الموارد المائية من حيث كوارث الجفاف والفيضانات. عدم الالتزام بالقوانين والتشريعات الحالية من قبل مستخدمي المياه والنافذين. عدم قيام الجهات المختصة بتنفيذ القوانين والتشريعات بالمهام المناطة بها. تدني المعرفة البيئية في أوساط المجتمع. القصور الكبير في برامج التوعية البيئية.. وبالذات في مجال ترشيد استخدام المياه والمحافظة على نوعيتها.