على مشارف التسعينيات، والعالم يعيش مرحلة تحولات تاريخية عاصفة، كان اليمن – الذي كان منقسماً إلى دولتين – يعلن توحيد شطريه في دولة واحدة واعتماد النظام الديمقراطي القائم على التعددية السياسية الحزبية! فكان بذلك من أوائل البلدان في المنطقة التي حققت نقلة جيدة في اتجاه(دمقرطة) الحياة السياسية فيها والتخلص من النظام الشمولي!. على الرغم من أن التجربة الديمقراطية في اليمن حققت – نظرياً – سبقاً في مجالات متعددة، إلا أن ثمة تحفظات وانتقادات قوية توجه إليها وتشكك في سلامة مسارها وممارساتها وفي قدرتها على تجسيد أحلام اليمنيين في العيش في ظل حياة سياسية ديمقراطية سليمة! وفي المقابل فإن السلطة الحاكمة، التي لا تعترف بهذا التقويم السلبي للديمقراطية اليمنية، تذهب بعيداً في الاعتزاز بما يجري من ممارسة ديمقراطية على أرض سبأ.. ولا تتردد في تفسير الانتقادات بأنها تعكس ضعف المعارضة وفشلها. ولا شك أن هذا التناقض الحاد في تقويم التجربة الديمقراطية اليمنية يحتاج إلى محاولة لفهم أسبابه وملابساته. ومن الواضح أنه لا يمكن فهم الحالة التي عليها الممارسة الديمقراطية في اليمن دون أن نعرف الظروف التي نشأت فيها وطبعت بصماتها عليها. ولأن بعض هذه البصمات من النوع السلبي فقد كان مفهوماً أن تبدو(الديمقراطية اليمنية) بعد 15 عاماً فقط من ميلادها وهي بحاجة ماسة لإصلاحات وتجديدات، أو على الأقل هذا ما تقول به قوى المعارضة اليمنية المنضوية في إطار(اللقاء المشترك) والذي تبرز فيه قوة إسلامية هي التجمع اليمني للإصلاح وقوة يسارية هي الحزب الاشتراكي اليمني. تشوهات الولادة.. وأخطاء الممارسة! لم يكن ممكناً أن ينتج عن عملية توحيد شطري اليمن عام 1990م وضع ديمقراطي سليم خال من التشوهات، فالنظامان الشطريان السابقان كانا هما(القابلة) التي ولدت على يديها(الدولة الجديدة) التي حرصت على أن تعلن أنها دولة تقوم على المبادئ الديمقراطية وفي مقدمتها التداول السلمي للسلطة عبر الاختيار الشعبي الحر، وإطلاق حرية تكوين الأحزاب السياسية والحريات العامة وفي مقدمتها حرية الصحافة، لكن الترتيبات السياسية التي صاحبت عملية التوحيد قضت بقيام فترة انتقالية تمهد للانتقال إلى الوضع الدائم بإجراء أول انتخابات تعددية في تاريخ البلاد! ولم يعد مثيراً للخلاف كثيراً الآن أن ترتيبات الفترة الانتقالية التي قضت بتقاسم كل شيء في الدولة الجديدة بين السلطتين الشطريتين السابقتين، قد صنعت سلسلة من الأخطاء الفادحة التي ما يزال اليمن يعاني منها حتى الآن وتتسبب بقدر كبير من التوتر في المجتمع وبين فرقاء السياسة اليمنية. فقد حرص الذين خططوا ونفذوا الترتيبات السياسية أن يضمنوا بقاء السلطة ومصادر القوة بحوزتهم. كان واضحاً منذ البداية، ومع اشتعال الخلاف حول مشروع الدستور، أن ديمقراطية دولة الوحدة من نوعية خاصة لا تسمح للرأي الأخر أن يتجاوز حدوداً معينة من التعبير فضلاً عن أن يكون قادراً على تبني آليات حقيقية ليتجسد في الواقع.. فالخلاف حول بعض مواد الدستور تحول إلى خلاف مفتعل يدور حول الوحدة نفسها، وصارت معارضة الدستور – مثلاً – معارضة للوحدة وخيانة وطنية! رغم أن من أبسط بديهيات الديمقراطية هو جواز الاختلاف في الرأي! وفشلت السلطة الجديدة أن تقدم دليلاً مبكراً على إيمانها بالديمقراطية عندما جعلت من الاستفتاء على مشروع الدستور، الذي سيحكم به الشعب، مجرد عملية(استئناسية) ليس لها أي قيمة مهما كان رأي الناخبين فيه ! ولولا الحضور الشعبي الكبير للمعارضين، الذين تزعمهم الإسلاميون الإصلاحيون، لكانت العملية كلها قد مرت بأسلوب مسرحي كما يحدث في الأنظمة الديكتاتورية المشهور عنها تزوير الإرادة الشعبية بالاستفتاءات أو الانتخابات! وكان ما حدث إنذاراً ومؤشراً خطيراً على نوعية(الديمقراطية) المعتمدة في الدولة الجديدة لكن كثيرين فضلوا التغاضي عن الأخطاء والخروقات بل واصطفوا مع السلطة نكاية في الإسلاميين ولم يكونوا يعلمون أنهم سيدفعون ثمن ذلك فيما بعد!. وكانت طريقة الإخراج المسرحي لعملية ولادة الدولة بكل ذلك الكم من الأخطاء غير المبررة ثغرة خطيرة لم يكن الحاكمون مضطرين إليها! فقد كانت الحماسة الشعبية للوحدة قادرة على أن تمنح السلطة الموافقة المطلوبة دون الحاجة إلى تزوير أو تجاوز القواعد المعروفة في إقرار الدساتير ووفق اللعبة الديمقراطية لكن الطبع غلب التطبع ! والمثير للانتباه الآن أن أصواتاً بارزة في الحزب الاشتراكي اليمني – الذي كان له دور حاسم في تكريس تلك الأخطاء – تتنادى الآن للتشكيك في سلامة إجراءات الوحدة نفسها مثل الاستفتاء على الدستور وتشكيل الهيئات القيادية في الدولة!. وفي السياق نفسه طبعت التشوهات النشاط السياسي والشعبي على حد سواء فقد ظلت(اتفاقية الوحدة) هي القانون النافذ فوق الدستور والقوانين، فلم يعد هناك شيء مما هو معروف في النظام الديمقراطي، وتلخصت الديمقراطية في عبارة واحد هي(تقاسم السلطة والثروة) بين الحزبين الحاكمين.. ووفقاً لاتفاقية الوحدة لم يكن ممكناً لشيء أن يقر أو لا يقر إلا بموافقة ثنائية إذا ضمنت مصالحها الحزبية ! وما لم يتم الاتفاق عليه يظل معلقاً ولو كان على حساب المصلحة العامة وخلافاً للدستور والقوانين. أدت الترتيبات السياسية في الفترة الانتقالية إلى تشكيل سلطة مزدوجة من المؤتمر الشعبي العام والحزب الاشتراكي اليمني وبطريقة تضمن هيمنة الحزبين على الأوضاع في البلاد ومنع الآخرين – حاضراً ومستقبلاً – من مزاحمتهما في ممارسة السلطة الحقيقية!. ويمكن القول إن هذا الوضع المتناقض مع مبدأ الديمقراطية هو المرض الحقيقي الذي تعاني منه العملية السياسية في اليمن.. فالتداول السلمي للسلطة – حتى على مستوى النقابات والمنظمات الجماهيرية – ما يزال يعاني من هذه( العقدة) التي طبعت نشوء النظام الجديد بعد قيام الوحدة.. فالذين يهيمنون على السلطة يرفضون أن يتنازلوا عنها ويتخذون كل الأساليب لمنع حدوث ذلك ! مما يعني واقعياً أن التحول الديمقراطي ظل شكلياً واقتصر على جوانب أخرى تسميها المعارضة : الهامش الديمقراطي، مثل تأسيس الأحزاب وفتح مقرات لها وإصدار صحف أو المشاركة في انتخابات لا تسلم من انتقادات حادة. أما الوصول إلى السلطة وممارستها عبر الانتخابات فما يزال خطا أحمر دونه تراث من المصاعب والعوائق والممنوعات والمحظورات ! وباستثناء بعض النماذج القليلة التي خرجت عن السيطرة فقد هيمنت سلطة الحزبين الحاكمين على مقدرات الأوضاع في البلاد وتقاسما إما السيطرة المشتركة أو التنازل الطوعي للطرف الآخر فقط بينما ظلت القوى الأخرى مستبعدة أو مهمشة في أحسن الأحوال!. المطالبة بالاصلاحات لم تكن الحالة المعوجة للممارسة الديمقراطية في اليمن غائبة عن القوى السياسية المعارضة، فمنذ فجر الوحدة كانت هناك انتقادات قوية للتشوهات التي اتسمت بها الحياة السياسية المفترض أنها تقوم على بسط الحريات العامة والتداول السلمي للسلطة.. ولذلك كانت الدعوة إلى إجراء إصلاحات سياسية جوهرية قائمة منذ البداية(بل يمكن القول إن كل المشاكل والأزمات التي شهدها اليمن منذ تحقيق الوحدة حتى الآن، هي في جوهرها دعوة إلى إجراء إصلاحات) فقد كان واضحاً أن هناك من الأخطاء والتشوهات ما يكفي لتهديد الوحدة والديمقراطية والسلام الاجتماعي! وراجت في الفترة الانتقالية، زمن حكم الحزبين : المؤتمر والاشتراكي، مقولة( إن خلافاتهما خطر على الوحدة واتفاقهما خطر على الديمقراطية) ! لكن بالنظر إلى جوهرية قضية( الوحدة اليمنية) في الفكر السياسي والوجدان الشعبي اليمني فقد قبلت القوى غير الحاكمة على مضض قبول أن تكون( الديمقراطية) بهذا القدر من التشوهات على أمل أن يتم تصحيح الأخطاء نهاية الفترة الانتقالية، لكن الأمور لم تمض كما كان مأمولاً فالترتيبات السياسية كانت قد أبقت، وكان ذلك من أسوأ جوانبها، سيطرة السلطة السابقة في كل شطر على المناطق التي كانت تحكمها قبل الوحدة ! وظل كل طرف محتفظاً بمقومات قوته العسكرية والمالية والإعلامية.. الخ ولذلك لم تؤدِ الانتخابات الأولى، التي جرت بعد انتهاء الفترة الانتقالية (نيسان / إبريل 1993)، إلى تغيير الوضع السياسي السائد رغم تغير موازين القوى داخل البرلمان الجديد، وتراجع حصة الاشتراكيين بنسبة 200% وظهور قوة سياسية جديدة حصلت على المركز الثاني في البرلمان هي التجمع اليمني للإصلاح فقد ظلت السلطة في( قبضة) الحزبين الحاكمين المهيمنين رغماً عن كل المبادئ الديمقراطية، بل أنتجت الانتخابات أخطر أزمة سياسية واجهت اليمن بعد الوحدة بعد أن فشلت الآليات الديمقراطية في أن تحل الأزمة لإستقواء أحد أطرافها بقوته العسكرية ورفضه الاحتكام إلا للاتفاقات الخاصة بعيداً عن الدستور ! وتأكد بذلك أن جوهر أزمة السلطة ما يزال يفرض نفسه على الحياة السياسية التي بدت وكأنها تسير في طريق مسدود بعد أن حدث تمترس عسكري وسياسي على جانبي الحدود الشطرية السابقة، ولمعت بوارق الحرب فوق الرؤوس ! فلا أهل السلطة ارتضوا أن يحلوا( الأزمة) بقبول الخيار الديمقراطي معها كانت مرارة نتائجه، ولا كان ممكناً بقاء الوضع على ما هو عليه: وجود حزبين يمتلك كل منهما مقومات دولة بحيث صارت الدولة برأسين وجيشين وعملتين نقديتين.. الخ المقومات الخاصة بالدولة.. أي دولة !. الديمقراطية المشوهة وكان منطقياً في ظل وضع كهذا أن تفشل( الديمقراطية المشوهة) في حل أزمة السلطة، فآليات الاحتكام إلى الأغلبية لحسم الخلافات لم تكن صالحة للعمل في اليمن لأن أساس امتلاك السلطة ثم بناء على القوة العسكرية ومخالفة للأعراف الديمقراطية ! وكان من الضروري مراعاة ذلك لكي لا تنهار( الدولة) ويتم اللجوء إلى القوة للمحافظة على الامتيازات الخاصة بكل حزب وهو ما يعني الانفصال. في المقابل فإن البقاء في ظل الأزمة والدولة( المزدوجة) كان يعني تكريس انفصال حقيقي يتمترس فيه كل طرف في( حدود الدولة) التي كان يحكمها سابقاً في ظل أزمة سياسية واقتصادية واجتماعية عاتية ! واستحكمت الأزمة وفشلت كل الوساطات، حتى صار أقرب لليقين أن الحل هو في تفكيك الوحدة وعودة حالة الشطرية من جديد ! لكن لأن( الانفصال) لم يكن قراراً سهلاً، وله تبعاته التاريخية والسياسية، فقد صارت الحرب هي الحل الوحيد الذي بإمكانه أن يحسم الخلاف وينهي الأزمة السياسية الخطيرة التي ضربت اليمن في الصميم ! والمفارقة أن الحرب صارت الوسيلة التي استند إليها طرفا الأزمة في تأكيد صوابية موقفيهما، فالطرف الذي قاتل تحت راية الوحدة أعتبر أن(الحرب) كانت آخر العلاج للمحافظة على دولة الوحدة... والطرف الآخر اعتبر أن( الحرب) تمنحه مشروعية التراجع عن الوحدة وإعادة الحياة للدولة السابقة التي يحكمها ! أنهت نتيجة الحرب، التي استمرت 70 يوماً، الازدواجية التي اتسمت بها حالة مؤسسات دولة الوحدة اليمنية، وتوحد القرار السياسي اليمني في جهة سياسية واحدة، وتخلصت الدولة من أحد أخطر التشوهات التي صاحبت ولادتها ؛ لكن التشوهات التي اتسمت بها الممارسة الديمقراطية ظلت على حالها مع فارق مهم وهو أن احتكار السلطة الذي كان مقصوراً على حزبين اثنين صار في قبضة حزب واحد فقط تجمعت لديه كل مصادر القوة السياسية والاقتصادية والإعلامية والتشريعية، وبذلك استمرت الحالة الغريبة التي اتسمت بها الديمقراطية اليمنية، واستمرت المطالبة مقابل ذلك بتجسيد الروح الحقيقية للديمقراطية. الدعوة إلى الإصلاح.. مسيرة لا تتوقف فرضت الطريقة التي تم بها توحيد شطري اليمن، كما أسلفنا، وجود أخطاء جوهرية في المنظومة السياسية والاقتصادية والتشريعية الأمر الذي أنتج وجود معارضات عديدة لها منذ البداية وعلى طوال السنوات ال (15) الماضية كانت المعارضة السياسية تجعل من الدعوة إلى إجراءات إصلاحات هدفاً كبيراً من أهدافها؛ وكانت البداية البارزة هي الدعوة إلى إصلاح( الدستور) الذي كان صيغة توليفية غير منسجمة بسبب اضطرار لجنة الإعداد إلى مراعاة النظامين الحاكمين أثناء كتابة مواده التي تمت في أوائل الثمانينات في ظروف محلية وإقليمية ودولية خاصة. وفيما بعد ثارت مشاكل عديدة بين أحزاب المعارضة – مجتمعة أو فرادى – وبين حزبي السلطة الحاكمة – كليهما أو على انفراد – حول قضايا عديدة، وكان من أسباب إثارة المشاكل حالة الاستقواء بالسلطة والقوة التي استحوذ عليها الحزبان الحاكمان دون الآخرين وإصرارهما على فرض مواقفهما في حالات عديدة ! وعندما انفجرت الأزمة السياسية الشهيرة في اب / أغسطس 1993م؛ رفع الحزب الاشتراكي اليمني – رغم أنه أحد القوتين الحاكمتين – مطالب (إصلاحية) كثيرة وجذرية وتتناقض مع بعض مواد الدستور نفسه الذي كان الاشتراكيون أبرز المدافعين عنه قبل ثلاث سنوات في معركة سياسية اعتبروها مصيرية واتخذوا لها شعاراً (الوحدة أو الموت)! وفي أتون الأزمة تعالت الدعوات المطالبة بالإصلاحات من كل حدب وصوب! وتشكلت لجنة للحوار الوطني وضعت( وثيقة العهد والاتفاق) التي كانت حلقة من سلسلة الدعوة إلى الإصلاحات. وعلى الرغم من أن نتائج الحرب (1994) تجاوزت وثيقة العهد والاتفاق ؛ إلا أن اليمن شهد بعدها استمرار( عملية الإصلاحات) حتى بدون أن يطلق عليها كذلك.. فالدستور تم تعديله مرتين في (1994 – 2001) على التوالي، وهي في حقيقتها عملية( إصلاحات) جذرية فقد تم تغيير نسبة كبيرة من مواد الدستور إما حذفاً أو إضافة أو تعديلاً ! وكذلك جرت تعديلات أخرى على مجموعة من القوانين أبرزها قانون الانتخابات الذي جرى تعديله أكثر من مرة ! وكل ذلك يعني أن حديث المعارضة عن وجود( تشوهات) في المسار الديمقراطي لم يكن مكايدة سياسية ولا دعاوى غير مبررة فيما تدلل عملية التعديلات الجذرية والمتكررة أن التجربة أثبتت بالفعل الحاجة الماسة لإصلاح الأخطاء التي رافقت بناء الدولة الجديدة !. حماسة قوى ومع اشتداد الدعوة إلى الإصلاح السياسي في المنطقة العربية؛ تعززت حماسة القوى السياسية المعارضة في اليمن لإجراء إصلاحات تشريعية وسياسية في المقام الأول؛ تجسد الروح الحقيقية للديمقراطية وهو ما تبلور لاحقاً في مشاريع عديدة، معظمها صادرة عن شخصيات سياسية، تدعو إلى إجراء إصلاحات سياسية جذرية في الدستور بهدف إعادة المصداقية للعملية الديمقراطية عن طريق تحديد صلاحيات رئيس الجمهورية، ومنح مؤسسات الدولة كالبرلمان والحكومة والقضاء صلاحيات حقيقية لأداء مهامها ولإيجاد التوازن المطلوب في نظام ديمقراطي. وفي السياق نفسه تتبنى عدد من دعوات الإصلاح السياسي اعتماد النظام البرلماني بدلاً من النظام الرئاسي، وتغيير نظام الانتخابات الفردي وإحلال نظام القائمة النسبية بدلا منه، وتوسيع صلاحيات الحكم المحلي إلى أقصى مدى ممكن. وفي مجال الحريات العامة تتزايد الدعوة إلى انفتاح إعلامي كامل يسمح بحرية امتلاك القنوات التلفزيونية والإذاعية، وتحييد الإعلام الحكومي أو إلغاؤه، وتخفيف القيود على تنظيم المسيرات السلمية، وإنشاء النقابات والمنظمات الجماهيرية وسائر مؤسسات منظمات المجتمع اليمني، وتحييد المال العام والوظيفة العامة وعدم إقحامهما في العمل السياسي الحزبي. على الجانب الآخر فإن السلطة وحزبها الحاكم يرفضون الإقرار بالحاجة إلى إصلاحات سياسية، ويفسرون دعاوى المعارضة بأنها تعبير عن العجز وفقدان السند الشعبي وعدم القدرة على تحقيق نجاحات في العمليات الديمقراطية التي تشهدها اليمنكالانتخابات النيابية أو المحلية أو الرئاسية ! لكن الواقع يؤكد أنه لا يوجد ما يدل على أن هناك إمكانية لحدوث تداول سلمي للسلطة في ظل الأوضاع القائمة، ولعل هذا ما جعل عدداُ من القيادات السياسية المعارضة تدعو إلى أن يبدأ التداول على السلطة في نطاق السلطة المحلية في المحافظات قبل أن تصل إلى المناصب السيادية الكبرى كنوع من التدرج النفسي حتى يتقبل الحاكمون مبدأ التداول.. وربما حتى يقدموا دليلاً على قناعتهم بالخيار الديمقراطي ! ولعل هذه الفكرة ستكون أكثر جدوى لو حدثت ففي مثل منطقتنا لا مانع أن نبدأ مشوار الديمقراطية بخطوة طالما أنها ستصل إلى نهاية الألف ميل ! * نقلا عن مجلة (المراقب العربي)