لا يكاد يمر يوم إلا وتسمع أو تشاهد دلائل التطبيع السعودي مع الاحتلال الإسرائيلي، حتى أن سفيرا إسرائيليا سابقا قال إن المملكة تقود دول الخليج في التطبيع مع إسرائيل، وخاصة مع وصول ولي العهد محمد بن سلمان إلى السلطة وعلاقته الخاصة مع الدائرة المقربة من الرئيس الأميركي دونالد ترامب. فخلال اليومين الماضيين تداول ناشطون على وسائل التواصل شريط فيديو -لم يتسن للجزيرة التأكد منه- يظهر منتجات ل "سابك" التي تعد كبرى الشركات في القطاع الكيميائي للمملكة. كما تداول ناشطون على تويتر صورة تظهر وجود أحد أنواع أجبان المراعي السعودية بأحد المجمعات الاستهلاكية الإسرائيلية. ووفقا للصور المتداولة فقد أقدم المجمع الاستهلاكي لعمل عرض تسويقي للمنتج السعودي، حيث قام بتخفيضه من 27 شيكلا (الدولار يساوي 3.73 شياكل) إلى 21 شيكلا. وفي إطار السخرية، تساءل مغردون عن كيفية وصول هذه السلع إلى المستوطنات، سواء عن طريق الأردن أو مصر اللذين وقعا على اتفاق سلام مع إسرائيل، أو عن طريق آخر. ويجري ذلك بينما يعتبر المجتمع الدولي والاتحاد الأوروبي المستوطنات غير شرعية، وقد رفضت المفوضية الأوروبية في وقت سابق منتجات من المستوطنات المقامة في القدس الشرقية ومرتفعات الجولان والضفة الغربية المحتلة. وخلال الشهر الماضي، أعلنت شركة "إير بي أن بي" الأميركية لخدمات تأجير السكن عبر الإنترنت انسحابها من المستوطنات بالضفة الغربية، مرجعة الأمر إلى أنها تقع في قلب نزاع بين الإسرائيليين والفلسطينيين. ود قديم وقصص التطبيع بين إسرائيل والسعودية ليست جديدة، بل كتب الكثير عن ود قديم بين تل أبيب والرياض لكن ذلك كان دائما يتم عن بعد، وكان لا بد من انتظار شخص مثل بن سلمان حتى يصبح الأمر علنيا. وهذا ما كشفته إحدى حلقات "المرصد" بقناة الجزيرة من خلال متابعتها قصة جسور الود الممدودة بين الرياض وتل أبيب برعاية بن سلمان وصديقه جاريد كوشنر صهر الرئيس ترامب، والحديث عن الخطوات التي اتخذها بن سلمان بهذا الاتجاه. لكن جريمة اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي أدت إلى كشف القناع عن سر هذه العلاقة التي لم يعد بإمكان طرفيها أن يخفياها مستقبلا، من خلال تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التي طالب فيها واشنطن بالإبقاء على "استقرار السعودية" أي بقاء بن سلمان في الحكم والذي تشير الدلائل إلى أنه هو الآمر بتنفيذ الاغتيال. وقد خلص عاموس هرئيل محرر الشؤون العسكرية والأمنية بصحيفة هآرتس الإسرائيلية اليوم إلى أن رئيس الوزراء يؤمن هو الآخر ببن سلمان في الصراع من أجل الشرق الأوسط الجديد، وقد استثمر نتنياهو جهودا جمة في ضمان بقاء واشنطن بجانب الرياض في محنتها الراهنة، وكذلك لم يكن من قبيل الصدفة توقيت زيارة وفد المسيحيين الإنجيليين للمملكة والتي نظمها إسرائيلي مطلع الشهر الماضي. وضمن مسلسل التعاون بين تل أبيب والرياض، كشفت هآرتس أواخر الشهر الماضي أن شركة "أن أس أو" الإسرائيلية المتخصصة في تطوير برمجيات التجسس أجرت العام الماضي مفاوضات متقدمة لبيع منظومات مراقبة واختراق الهواتف الذكية إلى المخابرات السعودية. واستنادا للصحيفة فإن المفاوضات جرت في العاصمة النمساوية فيينا في يونيو/حزيران 2017، أي قبل أشهر من شروع ولي العهد السعودي بحملة ضد معارضيه في المملكة وخارجها. ووفقا لصحيفة لوفيغارو الفرنسية، أكد المسرب الأميركي الشهير إدوارد سنودن ومعهد الأبحاث الكندي سيتيزن لاب أن السعودية استخدمت برنامج "بيغاسوس 3" لتعقب تحركات خاشقجي الذي تمت تصفيته في القنصلية السعودية بإسطنبول. وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، كشف الإعلام السعودي عن اجتماع رئيس أركان جيش الاحتلال الجنرال غادي آيزنكوت في الولاياتالمتحدة مع رؤساء أركان الجيوش بالسعودية والبحرين ومصر والأردن. وفي إطار تطوير العلاقات التجارية بين إسرائيل والسعودية بالمستقبل، أعلن وزير المواصلات والاستخبارات الإسرائيلي يسرائيل كاتس في يونيو/حزيران الماضي اعتزام الحكومة التسويق لخطة "سكك حديد السلام" لربط شبكة القطارات الإسرائيلية بالسعودية عبر الأردن. وسبق أن اعتبرت صحيفة "إسرائيل اليوم" هذا المشروع خطوة أخرى تدل على التقارب بين تل أبيب والرياض، وقالت إن المشروع سينفذ بشكل مشترك من قبل الولاياتالمتحدة ودول الاتحاد الأوروبي والصين. وكان السفير الإسرائيلي السابق لدى القاهرة تسيحاق ليفانون أكد أن السعودية تقود التطبيع مع إسرائيل في منطقة الخليج.