في اكتوبر الماضي كتبت تحت عنوان(مسنو كل المراحل) وقلت: (المتصدرون لقضايا الشأن العام في البلاد في راهنها سواء كانوا أفراد ا ام (عائلات) هم ذاتهم المنغمسون في التفاصيل السياسية منذ الستينيات وكأن البلاد عاجزة عن انجاب غيرهم من الساسة والقادة. القضية الجنوبية النبيلة مهددة بالتصفية والتشظي والاختزال الدموي بسبب تنافس الزعامات المسنة على قيادتها، فالبيض وباعوم والحسني والعطاس وعلي ناصر ومحمد علي احمد الى آخر القائمة، الحاضرون في واجهة المشهد السياسي منذ عقود طويلة ولعبوا ادوارا متباينة وخطيرة في التصارعات التي شهدتها مناطق الجنوب قبل العام 90 ، هم الآن وبذات العقلية المحنطة يكرسون حضورهم الزعامي على محمولات القضية الجنوبية، التي لعبت ممارساتهم وتحالفاتهم طيلة الفترات الماضية ادوارا غير مغفولة في المشكلة ذاتها. وفي الشمال لم تزل التحالفات التقليدية القبلية والعسكرية والدينية(بيت الاحمر وعلي محسن والاصلاح والقبائل الموالية لهم) تتصدر الواجهة، وتقدم نفسها كلاعب رئيس داخل المشهد الجديد الذي صاغته مرحلة ما بعد فبراير2011 المفترض ان تقودها قوى الحداثة الشابة صاحبة المصلحة الحقيقية في التغيير وليس هذه القوى التي التجأت للثورة واحتمت بها . وتتخندق هذه القوى في ذات المربع الذي يتواجد فيه حلفاؤهم في الامس وخصوم اليوم واعني عائلة صالح وبيت الشائف وبقية القوى المشيخية ،وليس بعيدا عنهما تحضر أيضا جماعة الحوثي بخطابها الكهفي المشبع بالطائفية. بنظرة سريعة نجد ان كل هذه الواجهات شمالا وجنوبا والمتحولة بفعل الظروف المحيطة الى مراكز قوى نافذة تحضر بالنيابة عن والوكالة لقوى اقليمية تستفيد من الفراغ المهول لتلعب على اوتار طائفية ومناطقية وسياسية ، واظن ايران والسعودية تختزلان هذه اللحظة بكل وضوح. انتهى ما كتب في حينه والذي استدعى التذكير به الآن ان مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي بدأ اعماله الاثنين الماضي في صنعاء مفخخ بعشرات الاسماء(الفردية والعائلية) التي كانت ولم تزل منتجة لمشاكل البلاد وازماتها المتلاحقة منذ خمسة عقود ويزيد. ليست الخبرة ولا التجربة ولا العمل الوطني وبالتأكيد ليست نظافة اليد والتأريخ السياسي هي التي حكمت وجود مثل هذه الشخصيات ضمن قوام المؤتمر، وحدها لعبة التوازنات السياسية والجهوية ومراكز القوى التي فرضتهم في عملية تجاوز فاضحة لكل المعايير التي حددتها اللجنة الفنية للإعداد والتحضير لمؤتمر الحوار. ليس الرئيس وحده مسئولا عن وجود مثل هذه الشخصيات، تشترك معه ايضا كل الاحزاب والتنظيمات السياسية التي عمدت الى الزج بالكثير منها الى جانب قياداتها الديناصورية المحنطة على رأس قوائمها الى المؤتمر وهي التي لم تزل تلعب الدور المعيق لأية عملية تحول او تجديد داخل احزابها فكيف يمكن التعويل عليها في قيادة التحولات في المجتمع؟. رابط المقال على الفيس بوك