أشارت دراسة حديثة صادرة من مؤتمر المعرفة الأول الذي عقد مؤخراً في دبي إن دور النشر الثقافية عموماً تعيش أزمة معرفية وثقافية على مستوى العالم العربي..وأن منطلق تلك الأزمة يعود إلى أكثر من سبب منها نظم الحريات السياسية والاجتماعية في البلدان العربية،بالإضافة إلى غياب الاهتمام الكلي بشؤون الثقافة والمعرفة بتفرعاتها. مشيرة إلى أن تعثر النشر العربي يعود إلى سببين لاثالث لهما ..ضمور الأسواق العربية بسبب حواجز الأنظمة السياسية التي تعامل الكتاب معاملة المخدرات والناشر معاملة المهربين،وضعف البنية المالية والاقتصادية لمعظم الناشرين،نتيجة لقيود الرقابة على أنواعها،فتمنعهم من تطوير هذه الصناعة والاستثمار فيها. وقالت الدراسة..يدور التساؤل الأول عن أزمة الكتاب والنشر المطروحة حول العدد المتواضع من الكتب الجديدة التي تصدر سنوياً في مجمل الأقطار العربية وبلغة عربية واحدة مقارنة بعدد الكتب التي تصدر في الدول الأوروبية والأمريكية،بتعدد لغاتها،إلى جانب الأرقام المخزية لتوزيع الكتاب في جميع انحاء العالم العربي، من المؤسف أن هذا هو واقع الأمر. وتقود دور النشر مثلاً بنشر ما بين 30كتاباً «عنواناً و50كتاباً» عنواناً في السنة الواحدة،موزعة بين مختلف أنواع التأليف من سياسة وتاريخ ومذكرات ورواية وشعر وآداب متنوعة،بالإضافة إلى أن كثيراً من دور النشر هي عبارة عن دور نشر شعبوية غير متخصصة تعتمد على التنوع الدائم في محاولة منها للوصول إلى أكبر شريحة ممكنة من القراء. وذكرت الدراسة أن دور النشر تطبع من كل كتاب ما بين 3000و5000نسخة ،وفي حالات معينة تطبع عدداً أقل ،كما أنها محكومة بهذا العدد الضئيل نسبياً،مقارنة بالكم الهائل من العناوين التي تصدرها دور النشر الغربية بأمرين: üالقدرة المالية التجارية المحدودة للناشر على تمويل هذه الإصدارات. ضيق الأسواق العربية بسبب عرقلة الرقابات المتعددة على الكتاب للوصول إلى القارئ،فالكلمة السحرية في هذا المجال الذي تقف وراء تعثر هذه المهنة ،هي الرقابة. الرقابة في العالم العربي وأشارت إلى ماتصفه بتعدد الرقابات ومنها الرقابة الإعلامية والرقابة الأمنية ورقابة المعارض ورقابة الأغلفة ،كما تطرقت الدراسة إلى مشكلة الانتشار،متحدثة عن أكثر الكتب انتشاراً،فبالنسبة إلى الناشرين الشعبويين متنوعي العناوين،فإن أهم كتبهم انتشاراً هي كتب السياسة،والرواية الوقت فإن كتب الشعر هي أقل انتشاراً ومردوداً تجارياً،كما يعتمد انتشار الكتاب إلى حد كبير بحسب الدراسة إلى أي تصنيف أنتمي «سياسية رواية تاريخ الخ» وإلى سمعة المؤلف وشهرته وصدقيته. فالقارئ يلحق بالكاتب المعروف بالدرجة الأولى ثم بالموضوع الذي يتناوله. عكس القارئ الذي يلحق بالعنوان المثير والموضوع المغري الذي يهمه لكاتب جديد لم يأخذ نصيبه بعداً من الانتشار. منوهةً إلى أنه ليس هناك من شركة واحدة عربية لتسويق الكتاب في كل العالم العربي لها صدقية وقواعد تلتزم بتسديد الأتعاب المالية المترتبة عليها،وذكرت أن ديون الناشرين عند بعض الموزعين عالية جداً يصعب تحصيلها! ووصفت الدراسة مجموعة الشركات أو المكتبات التي تبيع الكتب في كل العواصم العربية تقريباً أنها عبارة عن مجموعة دكاكين،تستورد الكتاب لحسابها الخاص ولتبيعه في مركزها أو مكتبتها،لا لتوزعه كما يجب على فروع أخرى في المحافظات والأقاليم داخل البلد ذاته...وبسبب ذلك يلجأ الناشر إلى التوزيع المباشر،حيث يقيم هو صلة تسويقية بينه وبين مكتبة في بلد معين من دون وسيط، محاولاً أن يبيع بضاعته نقداً،ومن هنا تبرز أهمية فكرة معارض الكتب العربية التي تقام سنوياً،والتي يشارك فيها الناشر مباشرة ويبيع عبرها للمكتبات أو الموزعين في ذلك البلد،إلى جانب الأفراد العاديين،حتى أصبح دخل المعارض يشكل تقريباً نصف دخل الناشر من التوزيع. وحتى في المعارض التي يضطر فيها الناشر لوضع تخفيضات على كتبه لاستمالة القارئ ليشتريها بحكم احتكاكه المباشر معه، أصبحت في السنوات الأخيرة مرتفعة الكلفة، بحيث يصعب وضع تنزيلات وتخفيضات كبيرة للقارئ!! ولم تضع الدراسة أسعار الكتب المرتفعة عائقاً أمام انتشارها، بل أكدت أن الفقراء يقبلون على الشراء مادام الكتاب بسعر معقول ومؤلفه مقبول لديهم.. وتساءلت الدراسة عن تأثيرات حقوق الملكية الفكرية على صناعة النشر العربية وأكدت هذا التساؤل في مجمل اجابتها عنه ان تشريعات حقوق الملكية أفادت عملية النشر العربية ،وضبطت الكثير من مقايسيها،ولامشكلة بين الناشر والمؤلف ،حيث يتم التفاهم بينهما بموجب عقد فيأخذ كل ذي حق حقه..ولاتنشأ مشكلة في ذلك إلا مع الناشرين الأجانب في شأن شراء حقوق الترجمات وعدد الطبعات وكلفة الترجمة. واختتمت الدراسة بحلول وضعتها للتغلب على عدم انتشار الكتاب بين الدول العربية منها..إماطة الحواجز السياسية ورفعها بين كل بلد عربي،وزيادة الحوافز الاقتصادية... وإن لم يتم حل ذلك فالكتاب في العالم العربي مازال عليلاً!!،والتاريخ،والمذكرات والشعر والأدب...وفي ذات