قال عليه الصلاة والسلام: “أوصاني جبريل بالجار حتى ظننت أنه سيورثه” ومعنى الحديث مفهوم لدى الجميع, ولا نريد الإسهاب في معناه. ما يهم في هذا السياق أن نضع سؤالاً دائماً ما يؤرقنا جميعاً: لماذا تكثر المشاجرات بين الجيران في رمضان بالذات..؟! ولماذا يخسر الناس أعز جيرانهم في لحظات غضب بحجة الصيام..!؟ بل إن في معظم الأحيان قد لا يتعارفون.. إلا عن طريق الشجار بين الأطفال..!! ولعل تأثير إيقاعات العصر.. هي من شكلت العزلة بين الجيران والأقارب..!! وأتذكر في هذا السياق ما قالته لي إحداهن: إن منطقتها في ليالي رمضان تتجمع الجارات ويسهرن معاً على ذكر الله.. وصلاة التراويح ثم يتناولن مائدة مصغرة تأتي كل واحدة معها مما طبخت أو حضرت في ذلك اليوم.. ويمر الدور على جميع الجيران!! وتلك عادة جميلة جداً تساعد على توطيد العلاقات بين الجيران والتكافل فيما بينهم البين. وللأسف الشديد بات سلوك بعض الجيران سيئاً لبعضهم البعض.. بل وقد يتجاوز حدود اللياقة والاحترام.. كأن يرسل بعض الجيران أطفاله ليكسروا زجاج نوافذ جاره أو سيارته.. أو اللعب تحت غرف النائمين في نهار رمضان.. إلخ!! ويعود ذلك إلى أن بعضهم تخلوا عما جاء به نبينا عليه الصلاة والسلام.. وما أوصانا به.. ومعاملة الجار لجاره بالاحترام والتقدير المتبادل فيما بينهم. وقد يكون عصر السرعة “الزائف” له نصيب الأسد في طمس القيم النبيلة والعلاقات الإنسانية.. وقد يكون انهيار التكافل والعلاقات ضريبة لتقنيات العصر.. والأمر الأدهى أن تلك الظاهرة امتدت إلى المجتمعات الريفية, والتي كانت القدوة في الحفاظ على حقوق الجار وما ينبغي تجاهه. فالمناطق الريفية لم تعد تلك التي عهدها الجميع أنها بمنأى عن الزيف.. بل إنها وعلى حين غفلة “ضاجعها” الغزو الفكري.. فتخلت عن براءتها وطهرها.. لتصبح مثل أي مدينة تعاني من إفلاس في رصيد العلاقات الإنسانية الطيبة.. !! إذاً.. هل سيعيد الجميع ترتيب أوراقه وإعادة العلاقات الحميمة مع جيرانه والتخلي عن أحقاد قد يكون سببها الرئيسي الأطفال..؟! نأمل ذلك.